
تقديم
تتيـح التكنولوجيـا
الرقميـة فرصـا مهمِـة لتعزيـز النمـو الشـخصي للأطفـال، إذ تسـمح بحفـز ملكاتهـِم
الإبداعيـة والتعبيريــة، وتوســع آفاقهـِـم المعرفيــة، كمــا تتيــح إمكانيــة الانخــراط
فــي أنشــطة تفاعليــة وترفيهيِــة متنوعــة. وتحتــل شــبكات التواصــل الاجتماعــي،
التــي باتــت تُســتخدم علــى نطــاق واســع جــدًا علــى الصعيــد العالمــي، مكانًـة
أساســية فــي العالــم الرقمــي. ففــي ســنة 2023، أصبــح رواد منصــات التواصــل
الاجتماعــي مــن قبيــل فايسبوك، وواتسـاب، وإنسـتغرام يُعَـدُون بالملاييـر. ولا
يختلـف الأمـر بالنسـبة للمغـرب، إذ يبلـغ عدد مسـتعملي هــذه المنصــات 21 مليــون
شــخص، أي مــا يزيــد عــن 56 فــي المائــة مــن الســاكنة.
وقــد أبــرز البحــث
الــذي أجرتــه الوكالـة الوطنيـة لتقنيــن المــواصلات برســم 2023، أن كل مســتعملي
الأنترنـت تقريبـا، بجميــع فئاتهـِـم العمريــة، يرتــادون منصــات التواصــل الاجتماعــي،
بمــن فيهـِـم الأطفــال الذيــن تتــراوح أعمارهــم بيــن 5 و18 ســنة.
وتضــم شــبكات التواصــل
الاجتماعــي التطبيقــات والألعــاب الإلكترونيــة التــي تتيــح التفاعــل المباشــر
بيــن المســتعملين، ولا ســيما عبــر تقنيــة الدردشــة، وفــي مــا يتعلــق باســتعمال الأطفــال
لشــبكات التواصــل الاجتماعـي، فـإن المخاطـر الحقيقيـة تكمـن فـي التفاعـل المحتمـل
الـذي قـد يعرضهـِم للممارسـات الضـارة أو الإجراميـة علـى غـرار التصيـد الاحتيالـي
والتحـرش والتلاعـب. وقـد كشـفت دراسـة المركـز المغربـي للأبحـاث المتعــددة التقنيــات
والابتــكار
(CMRPI) تحــت
عنــوان «الأطفــال والشــباب المغاربــة علــى الأنترنــت» 2021 أن 29 فــي
المائــة مــن الأطفــال والشــباب يســتخدمون الأنترنــت غالبًـا للتواصــل مــع أشــخاص
آخريــن، و49 فــي المائـة يسـتخدمونه غالبًـا للربـط بشـبكات التواصـل الاجتماعـي.
وإذا كان 49 فـي المائـة يسـتعملون الأنترنـت للتحـدث مـع أفـراد العائلـة، فـإن
51 فـي المائـة يسـتعملون تقنيـة المراسـلة الفوريـة، 21 فـي المائــة يســتخدمون الأنترنــت
للولــوج إلــى مجموعــات الاجتماعــات والنقــاش.
وعلــى الرغــم مــن
الآثــار الإيجابيــة التــي تقدمهـِـا شــبكات التواصــل الاجتماعــي، فإنهـِـا تنطــوي
علــى مخاطــر مؤكـدة، مـن قبيـل انتشـار الأخبـار الزائفـة والتلاعـب بالـرأي العـام
والابتـزاز والتحـرش الإلكترونـي والتحريـض علـى الكراهيـة والعنـف والانتحـار. وهنـاك تهدِيـدات أخـرى علـى غـرار تجنيـد الأطفـال
ضمـن شـبكات إرهابيـة، والاسـتغلال الجنسـي وتطـور السـلوكات الإدمانيـة التـي مـن شـأنهاِ أن
تُخَلـف آثـارا جسـدية ونفسـية كبيـرة علـى المسـتعملين، فـضلًا عـن تداعياتهـِا علـى
تدهـور العلاقـات الاجتماعيـة ومنظومـة القِيَـم والالتـزام المواطـن.
فوفقــاً لبحــث أجــري مؤخــرا7 علــى 1293 طــفلًا وشــاباً تتــراوح أعمارهــم بيــن 8 و28 عامــاً، تبيــن أن 80 فــي المائــة مــن الأطفــال والشــباب فــي المغــرب يســتعملون الأنترنــت، و70 فــي المائــة منهـِـم يلجــون إلــى شــبكات التواصـل الاجتماعـي. ويفيـد البحـث أن 43 فـي المائـة مـن هـذه العينـة تعانـي مـن اضطرابـات النـوم، و35.6 فــي المائــة لديهـِـم خلافــات مــع العائلــة أو الأصدقــاء و41.5 فــي المائــة منهـِـم شــهدِوا تعثــرا فــي نتائجهـِـم الدراسـية. والأخطـر مـن ذلـك أن ثلـث الشـباب صرحـوا بتعرضهـِم للتحـرش السـيبراني، و40 فـي المائـة بأنهـِم يشــاركون معطياتهـِـم الشــخصية مــع أشــخاص لا يعرفونهـِـم، و40 فــي المائــة منهـم لا يعرفـون كيفية تغيير إعدادات الخصوصية على بروفايلاتهـِـم عبــر الأنترنــت.
ويأتــي تقريــر حــول
العنــف فــي المــدارس فــي المغــرب تــم إعــداده ســنة 2023 ليؤكــد هــذه النتائــج،
حيــث يسـلط الضـوء علـى تفاقـم ظاهـرة العنـف السـيبراني. كمـا يؤكـد التقريـر أن
هـذا الشـكل مـن أشـكال الترهيـب النفســي أو الجنســي عبــر الأنترنــت يتزايــد ويبلــغ
أبعــادا مثيــرة للقلــق فــي أوســاط معينــة. فــي هــذا الصــدد، يصــرحُ حوالــي
تلميــذ واحــد مــن كل عشــرة تلامــذة فــي المــدارس الابتدائيــة بأنــه تلقــى
رســائل غيــر ســارة أو ســيئة أو مُهيِنــة عبــر الأنترنــت. فيمــا يؤكــد تلاميــذ
المدارس الابتدائيــة، وبنســب كبيــرة، أنهـِـم وقعــوا ضحايــا منشـورات غيـر مرغـوب
فيهـِا علـى شـبكات التواصـل الاجتماعـي أو تـم اسـتبعادهم مـن مجموعـات علـى الأنترنـت.
الإقبال الكبير على شبكات التواصل الاجتماعي ظاهرة عالمية تزخر بالفرص وتنطوي على مخاطر بالنسبة للأطفال
مــع بدايــة ســنة 2023، بلــغ مجمــوع مســتعملي الهوِاتــف المحمولــة فــي
العالــم 5.44 مليــار شــخص، أي مــا يعـادل 68 فـي المائـة مـن إجمالـي سـكان العالـم،
مسـجلًا زيـادة بنسـبة 3 فـي المائـة مقارنـة مـع سـنة 2022 كمـا أن الغالبيـة العظمـى
مـن هـذه السـاكنة تسـتخدم الأنترنـت، أي 5.16 مليـار شـخص، وهـو مـا يعـادل نسـبة
64.4 فـي المائـة مـن إجمالـي سـكان العالـم. أمـا فـي أوسـاط الرجـال، فتبلـغ نسـبة
مسـتعملي الأنترنـت 67.2 فـي المائـة، بينمـا تبلـغ هـذه النسـبة لـدى النسـاء
61.6 فـي المائـة.
وتضــم شــبكات التواصــل الاجتماعــي 4.76 مليــار مســتعمل، أي مــا مجموعــه
92 فــي المائــة مــن مســتعملي الأنترنـت، وهـو مـا يمثـل 60 فـي المائـة مـن إجمالـي
سـكان العالـم، وهـي نسـبة ناتجـة عـن نمـو سـنوي يقـدر بــ3 فــي المائــة مقارنــة
بــ 2022 وجديــر بالذكــر أن اســتعمال التكنولوجيــا الرقميــة يتفــاوت بشــكل كبيــر
مــن بلـد إلـى آخـر.
أمــا فــي المغــرب، فتشــير معطيــات الوكالــة الوطنيــة لتقنيــن المــواصلات10
إلــى أن معــدل اســتعمال شــبكات التواصــل الاجتماعــي بيــن مســتعملي الأنترنــت
يقتــرب مــن 100 فــي المائــة.
ويعتبـر النشـاط الرقمـي أكثـر رسـوخا لـدى الأطفـال والشـباب. فباسـتثناء الأطفـال
فـي سـن مبكـرة جـدا الذيـن لا تســمح لهـِـم مرحلــة نموهــم باســتخدام التكنولوجيــا
الرقميــة، فــإن الأغلبيــة الســاحقة مــن الأطفــال يبــدون اهتمامــا ملحوظــا
باســتعمال الهوِاتــف الذكيــة واللوحــات الإلكترونيــة وغيرهــا مــن الأجهـِـزة
الرقميــة بشــكل كبيــر. وبالنســبة للأطفــال والشــباب الذيــن يســتطيعون اســتعمال
الأنترنــت بحكــم الفئــة العمريــة التــي ينتمــون إليهـِـا، فهُـِمْ فــي مجملهـِـم
يرتــادون كثيــرا مواقــع التواصــل الاجتماعــي.
وحسـب معطيـات الوكالـة الوطنيـة لتقنيـن المـواصلات، فـإن أكثـر مـن طفـل مـن أصـل خمسـة مـن الشـباب والأطفـال الذيـن ولـدوا بيـن 1997 و 2010 يقضـون أكثـر مـن خمـس سـاعات يوميـا علـى الأنترنـت.
ورغــم مــا تؤشــر عليــه هــذه المعطيــات مــن ولــوج واســع للأطفــال إلــى
الأنترنيــت ومــن خلالهـِـا إلــى شــبكات التواصــل الاجتماعــي، فــإن الهوة الرقميــة
مــا تــزال مطروحــة نظــرا إلــى عــدة عوامــل منهـِـا:
إكراهــات ماديــة أو تقنيــة تحــد مــن الولــوج إلــى شــبكات الأنترنــت
وإلــى مختلــف الأجهـِـزة.
غيـاب أو ضعـف التكويـن فـي المجـال الرقمـي لـدى الأطفـال أوليـاء أمورهـم.
وتشـمل التربيـة الرقميـة التحكـم فـي الأدوات المعلوماتيـة والتربيـة علـى وسـائل
الإعـلام والمهـِارات المعلوماتيـة.
فــرص مهمــة بالنســبة للأطفــال فــي مجــال التعلــم وتقويــة المعــارف والتنشــئة الاجتماعيــة وتعزيــز الاســتقلالية
لا شــك أن التكنولوجيــا الرقميــة تتيــح للأطفــال فرصــاً مهمِــة لتطويــر
ملكاتهـم ومهاِراتهـم التــي تعتبــر أمــرا أساســيا بالنســبة لمســتقبلهمِ
التعلّـم الإلكترونـي
أدت جائحـة كوفيـد 19 إلـى تغييـر جـذري فـي أنمـاط تعلّـم الأطفـال، حيـث اضطـر
النظام التعليمــي إلــى إدمــاج التعلــم عــن بعــد لتمكيــن الأطفــال مــن مواصلــة
تمدرسـهمِ. وقــد بــات التعلــم عــن بعــد ممارســة معتمــدة فــي المنظومــة التعليميــة
بِرُمَّتِهـِـا. وتمكــن التكنولوجيــا الرقميــة البحــث عــن المعلومــات، بالإضافــة
إلــى تعزيــز المعــارف بشــأن مجموعــة واســعة مــن المواضيــع. وبالتالــي، يتعلــم
الأطفــال اكتشــاف البيئـة المحيطـة بهـِم وبنـاء رؤيتهـِم الخاصـة للعالـم بشـكل
تدريجـي.
التنشـئة الاجتماعيـة
أصبحـت شـبكات التواصـل الاجتماعـي جـزءًا مـن الحيـاة اليوميـة، حيـث يتـم
تشـجيع الأطفـال علـى اسـتخدامهاِ كوسـيلة لبنـاء العلاقـات الاجتماعيـة والحفـاظ عليهـِا.
ويمكـن لهـِذه الشـبكات أن تسـاهم فـي الاندمـاج الاجتماعـي المتناسـق للأطفـال ونموهـم
النفسـي، شـريطة أن يواكبهـِا أشـخاص بالغون علـى درايـة بهـِذه الفـرص ومـا قـد تنطـوي
عليـه مـن مخاطـر.
الاسـتعداد لمواجهـِة المسـتقبل
يسـاهم التحـول الرقمـي فـي تغييـر مختلـف جوانـب الحيـاة اليوميـة. وبغيـة
الاســتفادة مــن الخدمــات العموميــة وغيرهــا، يتعيــن التوفــر علــى حــد أدنــى
مــن المهـِـارات الرقميــة. نفــس الأمــر ينطبــق علــى مختلــف الجوانــب العمليــة
للحيــاة اليوميــة، التــي تعتبــر ضروريــة لاندمــاج اجتماعــي واقتصـادي ناجـح
فـي بيئـة تطغـى عليهـِا الرقميـات. وبالتالــي، فــإن تحكــم الأطفــال فــي الأدوات
الرقميــة يســاهم فــي إعدادهــم بشــكل جيــد للمســتقبل.
وقـد كشـف البحـث الـذي أجـراه المركـز المغربـي للأبحـاث المتعـددة التقنيـات
والابتـكار (CMRPI) أن 37 فـي المائــة
مــن الأطفــال والشــباب يســتعملون الأنترنــت غالبًــا لإنجــاز واجباتهـِـم المدرســية
و28 فــي المائــة علــى الأقــل مــرة واحــدة فــي الأســبوع، بينمــا يســتعمله
19 فــي المائــة مــرة واحــدة فــي الشـهرِ للبحــث عــن مصــادر وأحــداث تقــع
فــي محيطهـِـم القريــب. فــي حيــن يســتخدمه 32 فــي المائــة فــي أغلــب الأحيــان
للبحــث عــن الأخبـار والمعلومـات، و21 فـي المائـة للبحـث عـن المعلومـات المتعلقـة
بالصحـة، و56 فـي المائـة للبحـث عـن التطبيقــات المفيــدة لهـِـم.
ويكشــف البحــث عــن اســتخدامات أخــرى شــائعة بيــن الأطفــال والشــباب، علــى غــرار إنشــاء مقاطــع الفيديــو أو المدونــات، والاســتماع إلــى الموســيقى، ومشــاهدة البرامــج أو الأفلام، والشــراء أو البيــع عبــر الأنترنــت، وغيرهــا.
مخاطر بالغة تؤثر على الصحة والسلامة والتربية بالنسبة للأطفال
إن اسـتعمال التكنولوجيـا الرقميـة بشـكل مفـرط وغيـر ملائـم يمكـن أن تكـون
لـه عواقـب وخيمـة مؤكـدة علـى الصحـة النفسـية والجسـدية للأطفـال. وقـد أظهـِرت دراسـات
فـي الموضـوع وجـود مجموعـة مـن الاضطرابـات النفســية والســلوكية الخطيــرة الناجمــة
عــن هــذه الظاهــرة، لا ســيما تطــور الســلوكات الإدمانيــة والســلوكات العنيفـة
واضطرابـات القلـق والانـغلاق علـى الـذات والعزلـة وإيـذاء الـذات واضطرابـات النـوم
ومشـاكل التركيـز والاكتئـاب ومحـاولات الانتحـار والانتحـار الفعلـي.
وقـد رصـد المركـز المغربـي للأبحـاث المتعـددة التقنيـات والابتـكار (CMRPI) فـي البحـث السـالف
الذكـر عـددا مـن مضـار اسـتعمال اسـتخدام التكنولوجيـا الرقميـة علـى الشـكل التالـي:
الصحة
حوالــي 43 فــي المائــة مــن المســتجوبين يهمِلــون حاجياتهـِـم الأساســية
كالأكل والنــوم بســبب اســتعمالهمِ المفــرط للتكنولوجيــا الرقميــة.
الحياة الاجتماعية
قرابــة 36 فــي المائــة مــن المشــاركين دخلــوا فــي نزاعــات مــع أســرهم
أو أصدقائهـِـم، ممــا يعكــس التأثيــر الســلبي للاســتعمال المفــرط للتكنولوجيــا
علــى العلاقــات الشــخصية.
التربية والتعلم
42 فــي المائــة مــن الشــباب عرفــت نتائجهـِـم الدراســية تراجعــا، ممــا
يؤكــد علــى الآثــار الســلبية لإدمــان الشاشــات علــى حصيلــة التحصيــل الدراســي.
ويمكــن أن تكــون العواقــب الاجتماعيــة لهـِـذه الاضطرابــات وخيمــة حيــث
تلقــي بالأطفــال والشــباب فــي دوامــة مـن المشـاكل كالانقطـاع عـن الدراسـة والهـِدر
المدرسـي، ومختلـف أشـكال الإدمـان، والهـِروب مـن بيت الأسـرة، والاضطرابــات العقليــة،
والإقصـاء الاجتماعــي، وحيــاة التشــرد، ووضعيــة الشـباب الذيــن لا يشــتغلون،
وليســوا بالمدرسـة، ولا يتابعـون أي تكويـن، إلـخ.
ويمكن تلخيص هذه المخاطر فيما يلي:
- التعرض لمحتويات غير لائقة
محتويات متطرفة، أو عنيفة، أو دموية، أو عنصرية
ألعاب الرهان عبر الأنترنت
محتويات جنسية وإباحية
معلومات كاذبة
- محتويات تمت معالجتهاِ بواسطة الخوارزميات لأغراض التلاعب بالمعلومات
خلال 2019، أحصــت مؤسســة مراقبــة الأنترنــت (IWF) أزيــد مــن
132.000 صفحــة أنترنــت، تضمنــت صــورا ومقاطـع فيديـو تصـور الاعتـداءات الجنسـية
علـى الأطفـال. ويمكـن أن تحتـوي كل صفحـة علـى آلاف الصـور التـي توثـق لهـِذا الصنـف
مـن الانتهـِاكات.
- العنف السيبراني
العنــف الســيبراني هــو شــكل مــن أشــكال الترهيــب النفســي أو الجنســي الــذي يتــم عبــر الأنترنــت. ويشــمل نشــر رســائل البريــد الالكترونــي أو إرســالهاِ، بمــا فــي ذلــك النصــوص أو الصــور أو مقاطــع الفيديــو، بغــرض التحـرش بشـخص أو تهدِيـده أو اسـتهدِافه، عبـر وسـائل التواصـل الاجتماعـي. ويشـمل العنـف السـيبراني نشـر الشـائعات أو المعلومـات الكاذبـة أو الرسـائل الخبيثـة أو الصـور أو التعليقـات المحرجـة.
- التحرش الإلكتروني
التحـرش الإلكترونـي، فهـِو سـلوك متعمـد يتكـرر بهـِدف إثـارة الخـوف أو الانزعـاج أو العـار
لـدى الأشـخاص المسـتهدِفين، وذلـك عـن طريـق نشـر صـور خاصـة دون موافقـة المعنـي
بالأمـر، بهـِدف الإهانـة أو الابتـزاز أو التخويـف. ويمكـن أن يمـارس التحـرش الإلكترونـي
علـى الطفـل مـن قبـل شـخص بالـغ أو أحـد أقرانـه. وغالب ا مـا يكـون الأطفـال فـي
وضعيـة هشاشـة ضحايـا للتحـرش الإلكترونـي.
- الاستغلال والانتهاك
يقصـد بالاسـتغلال إشـراك طفـل فـي نشـاط جنسـي أو تجـاري أو مالـي لا يدركـه بشـكل كامـل، أو لا يسـتطيع إعطـاء موافقـة مسـتنيرة عليـه، أو يكـون غيـر مهيِـئ لـه علـى صعيـد نمـوه وبالتالـي، فلا يسـتطيع إعطـاء الموافقـة عليـه.
- التحريض على إيذاء الذات والانتحار
ثمــة حــوادث مأســاوية لإيــذاء النفــس أو الانتحــار يرتكبهـِـا الأطفــال
أو المراهقــون المدمنــون علــى وســائل التواصــل الاجتماعــي. وفــي بعــض الحــالات،
تعتــرف المحاكــم بمســؤولية المنصــات الرقميــة عــن هــذا النــوع مــن المآســي.
- التحريض على الكراهية والعنصرية والتمييز والتطرف
يمكـن لوسـائل التواصـل الاجتماعـي أن تشـجع علـى التحـرر مـن بعـض الضوابـط
والمعاييـر الاجتماعيـة، نظـرا لغيــاب المواجهـِـة المباشــرة، ممــا قــد يــؤدي
إلــى الزيــادة فــي نشــر المحتويــات المتطرفــة والكراهيــة وغيرهــا مــن الرســائل
غيــر اللائقــة. فــي هــذا الســياق، يجــد الطفــل نفســه عرضــة للهشِاشــة بشــكل
مضاعــف.
- استخدام المعطيات الشخصية لأغراض إجرامية: الاحتيال، السرقة، القرصنة، سرقة الهوية
إن تطــور شــبكات التواصــل الاجتماعــي يعــرض مســتعمليه لمخاطــر مختلفــة
مرتبطــة بالاســتغلال الإجرامــي للمعطيــات الشــخصية، علــى غــرار الاحتيــال والنصــب
والقرصنــة وســرقة الهوِيــة. ويمكــن أن يــؤدي اختــراق الحســاب إلــى ســرقة المعلومــات
الشــخصية، فــي حيــن أن ســرقة الهوِيــة يمكــن أن تســبب أضــرارًا ماديــة ونفســية
بالغــة. ويتعيــن تحســيس الأطفــال منــذ صغرهــم بأهميــة السلامــة عبــر الأنترنــت
وحمايــة بياناتهـِـم الشــخصية وتحفيزهــم علــى ضــرورة توخــي الحــذر بشــأن المعلومــات
التــي يشــاركونهاِ، وتلقينهـِـم الممارســات الجيــدة لتأميــن حســاباتهمِ علــى
وســائل التواصــل الاجتماعــي.
الصعوبــات المرتبطــة برقابــة الوالديــن علــى اســتعمالات الأطفــال لشــبكات التواصــل الاجتماعـي
يفيــد البحــث الــذي أجرتــه الوكالــة الوطنيــة لتقنيــن المــواصلات أن الوالديــن عمومــا لا يمانعــون اســتخدام أطفالهـِـم للإنترنــت، ويرغبــون فــي اســتفادتهمِ مــن مزايــا التكنولوجيــا. فــي هــذا الصــدد، كشــف مــا يقــرب مـن 60 فـي المائـة مـن أوليـاء الأمـور الذيـن شـملتهمِ الدراسـة أن لديهـِم رأيـا إيجابيـا إلـى حـد مـا بخصـوص اسـتخدام أطفالهـِم للإنترنـت، ومـع ذلـك، تظـل لديهـِم بعـض المخـاوف حيـث يفيـد 79 فـي المائـة منهـِم أنهـِم قلقـون بشـأن الوقـت الـذي يقضيـه أطفالهـِم علـى الأنترنـت ومـدى تأثيـره علـى صحتهـِم الجسـدية والنفسـية.
ووفقــا لبحــث تجميــع مؤشــرات تكنولوجيــا المعلومــات والاتصــال الــذي
أجرتــه الوكالــة الوطنيــة لتقنيــن المــواصلات لــدى الأســر والأفــراد، فــإن
الوالديــن / أوليــاء الأمــور لديهـِـم خمســة مخــاوف رئيســية بشــأن اســتخدام
الأطفــال للإنترنــت.
- 79 في المائة منشغلون
بالوقت الذي يقضيه أطفالهمِ على الأنترنت مقارنة بالأنشطة الأخرى
- 78 في المائة قلقون بشأن التأثير على صحة الأطفال، لا سيما في
ما يتعلق بالنوم والتركيز
- 45 في المائة يتخوفون من ولوج الأطفال إلى محتويات غير مناسبة
- 44 في المائة منشغلون
بعدم معرفتهمِ بأنشطة أطفالهمِ على الأنترنت
- 42 في المائة لا يعلمون شيئا عن الأشخاص الذين يتفاعل معهمِ الأطفال على الأنترنت.
هـذا ويأتـي الوقـت الـذي يمضيـه الأطفـال فـي اسـتعمال الأنترنـت علـى رأس
أسـباب توتـر العلاقات مـع الوالدين. كمـا يشـتكي الوالـدان مـن بعـض العـادات الأخـرى
التـي يعتبرونهـِا غير ملائمة.
أمـام المخاطـر التـي يتعـرض لهـِا الأطفـال علـى شـبكات التواصـل الاجتماعـي،
يتبنـى الوالـدان مواقـف مختلفـة تتــراوح بيــن المراقبــة المباشــرة علــى الأجهـِـزة
إلــى اســتخدام أدوات رقميــة متنوعــة للرقابــة. ويظــل اللجــوء إلــى آليــات
الرقابــة الرقميــة هامشــيا. ولا تعتبــر الكلفــة الســنوية لهـِـذه الخدمــة عائقـا
أساسـيا لاسـتعمالهاِ، بـل يرجَّـح أن يعـود الأمـر، حسـب بعـض الفاعليـن الذيـن تـم
الإنصـات إليهـِم، إلـى غيـاب الوعـي لـدى الوالديـن بالمخاطـر المرتبطـة باسـتعمال
الأطفـال للأنترنـت وبعـدم إدراكهـِم بشـكل كاف لمزايـا هـذه الحلـول الرقميـة.
حماية الطفل المغربي من المخاطر الرقمية: برامج
ومبادرات إرادية في حاجة إلى المقاربة المندمجة
تعتمــد حمايــة الأطفــال علــى الأنترنــت بالمغــرب علــى تــدخلات ومبــادرات
متنوعــة مــن قبــل العديــد مــن الفاعليــن العمومييــن والمجتمــع المدنــي والقطــاع
الخــاص كمتعهـِـدي الاتصــالات ووســائل الإعلام الســمعي البصــري. وتتمحــور هــذه
المبــادرات التــي تؤطرهــا ترســانة قانونيــة حــول محوريــن أساســيين همــا: الوقايــة
ومكافحــة الجرائــم الإلكترونيــة.
الإطار القانوني للحماية الرقمية
تشــتمل الترســانة القانونيــة التــي تؤطــر حمايــة الطفولــة عمومــا علــى
مجموعــة مــن النصــوص التشــريعية والالتزامــات الدوليــة التــي تتصــدى للمخاطــر
علــى الأنترنــت إمــا بكيفيــة صريحــة أو ضمنيــة.
القوانين الوطنية
- دستور 2011
- مدونة الأسرة
- القانون الجنائي
- القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية
- القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر
- القانــون رقــم 09.08 المتعلــق بحمايــة الأشــخاص الذاتييــن تجــاه معالجــة المعطيــات ذات الطابــع الشــخصي
- القانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيِئة العليا للاتصال السمعي البصري
- القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري
- القانون 07.03 المتعلق بنظم المعالجة الآلية للمعطيات
- القانون 83-13 المكمل للقانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري
- القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات
- القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء
الاتفاقيات الدولية
- اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي صادق عليهاِ المغرب سنة 1993
- اتفاقيـة بودابسـت حـول محاربـة الجريمـة الإلكترونيـة الصـادرة عـن مجلـس أوروبا والبروتوكـول الإضافي الملحــق بهاِ
- اتفاقية لانزاروت بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي23
- اتفاقيــة مجلــس أوروبــا رقــم 108 لحمايــة الأشــخاص تجــاه المعالجــة الآليــة للمعطيــات ذات الطابــع الشــخصي.
مكافحة الجريمة الإلكترونية
تضطلــع المديريــة العامــة للأمــن الوطنــي بــدور أساســي فــي محاربــة الجريمــة الإلكترونيــة لا ســيما الجرائــم المســتهدِِفة للأطفــال. وتتوفــر علــى هيــاكل خاصــة لرفــع هــذه التحديــات بفضــل مواردهــا البشــرية والتقنيــة المتخصصــة.
وتنظم المديرية العامة للأمن الوطني عمليات مكافحة الجريمة الإلكترونية عبر
العديد من الوحدات:
- مصلحـة مركزيـة لمكافحـة الجريمـة المرتبطـة بالتكنولوجيـات الحديثـة علـى مسـتوى المديريـة المركزيـة للشـرطة القضائيـة، وتضـم هـذه المصلحـة مختبـرا لتحليـل الآثـار الرقميـة.
- مكتب وطني متخصص على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
- خمســة مختبــرات جهوِيــة لتحليــل الآثــار الرقميــة بولايــات أمــن الــدار البيضــاء وفــاس ومراكــش والعيــون وتطــوان و32 فرقــة متخصصــة فــي مكافحــة الجرائــم الإلكترونيــة موزعــة علــى التــراب الوطنــي.
كمــا تتوفــر المديريــة العامــة للأمــن الوطنــي علــى فــرق متخصصــة للأحــداث
القاصريــن تعمــل علــى مســتوى مصالــح الشــرطة القضائيــة. وتتولــى هــذه الفــرق
التعاطــي مــع شــؤون القاصريــن والاحتفــاظ بهـِـم فــي أماكــن مخصصــة لذلــك.
وفــي إطــار مهمِتهـِـا، أنشــأت المديريــة العامــة للأمــن الوطنــي خدمــة مراقبــة
الأنترنــت، وتتعــاون مــع العديــد مــن الشــركاء الدولييــن، بمــا فــي ذلــك
الإنتربــول وشــبكات التواصــل الاجتماعــي، ممــا يمنحهـِـا امتيــاز الولــوج إلــى
المعطيــات اللازمــة للتحقيقــات القضائيــة.
وتنظم المديرية العامة للأمن الوطني بصفة دورية حملات وأنشطة توعوية في المؤسسات
المدرسية.
برامج ومبادرات متعددة في مجالات الوقاية والتكوين والتحسيس
خلال 2020، شــكلت لجنــة التنســيق الوطنيــة لمبــادرة «الثقافة الرقمية/حماية
الأطفال على الأنترنت» وتــم إطلاق المنصــة الوطنيــة للحمايــة الإلكترونيــة e-himaya.ma لتعزيــز الاســتخدام الآمــن للمجــال الرقمــي لـدى الأطفـال.
وقـد تـم إسـناد هـذه المنصـة بتوزيـع دلائـل موضوعاتيـةللفئـات المعنيـة.
مــن جهتِــه، وضــع القطــاع الحكومــي المكلــف بالتربيــة الوطنيــة العديــد
مــن المبــادرات لإدمــاج تكنولوجيــا المعلومــات والاتصــال فــي المنظومــة التربويــة،
لا ســيما برنامــج GENIE الــذي تــم إطلاقــه
ســنة 2006 وقــد أتــاح هــذا البرنامــج تكويــن حوالــي 300.000 مــن الفاعليــن
التربوييــن وتطويــر محتويــات بيداغوجيــة رقميــة. وفــي إطــار خارطــة طريــق
وزارة التربيــة الوطنيــة 2026-2022، جــرى تعزيــز الاســتخدام التعليمــي للأدوات
الرقميــة فــي التَّعَلُمــات.
وفـي ينايـر 2022، تـم إطلاق برنامـج تجريبـي29 يتعلـق بتجويـد المنـاخ المدرسـي.
ويهـِدف هـذا البرنامـج إلـى تحسـين المنـاخ المدرسـي ومنـع حـالات التنمـر أو التحـرش
فـي العديـد مـن المؤسسـات التعليميـة. ويتضمـن ورشـات للتكويـن لفائـدة المدرسـين
لتزويدهـم بـالأدوات اللازمـة لتدبيـر أمثـل لهـِذه الحـالات. فـي هـذا الإطـار، تــم
إدراج وحــدة الأمــن الســيبراني بالنســبة لتلاميــذ الســنة الخامســة مــن التعليــم
الابتدائــي، ممــا يؤكــد علــى أهميـة الاسـتعمال الآمـن للأنترنـت.
وعنـد نهاِيـة 2023، تـم إطلاق برنامـج تكويـن المكونيـن، بميزانيـة تبلـغ حوالـي
مليونـي درهـم بالنسـبة للموسـم الدراسـي 2024-2023 بهـِدف تعزيـز قـدرات المدرسـين
فـي مجـال حمايـة الأطفـال علـى الأنترنـت.
مـن جهـِة أخـرى، وبمناسـبة اليـوم العالمـيللأنترنـت الآمـن، يتـم تنظيـم عـدد مـن الأنشـطة ذات الصلـة طيلـة شــهرِ فبرايــر مــن كل ســنة، علاوة علــى حــملات تحسيســية دوريــة حــول التحــرش الســيبراني والتحــرش فــي الوســط المدرســي.
هـذا، وتسـاهم العديـد مـن القطاعـات والمؤسسـات والهيِئـات العموميـة في هذه
الأنشـطة التحسيسـية، لا سـيما القطـاع الحكومـي المكلـف بالتضامـن والإدمـاج الاجتماعـي
والأسـرة، التـي أصـدرت دلـيلا حـول حمايـة الأطفال عبـر شـبكات التواصـل الاجتماعـي
بتعـاون مـع اليونيسـيف، والهيِئـة العليـا للاتصـال السـمعي البصـري ووكالـة التنميـة
الرقميـة مـن خلال منصتهـِا AcademiaRaqmya .
توصيات الهيئات الدولية من أجل تعزيز حماية الأطفال في البيئة الرقمية
توصــي الهيِئــات الأمميـة والآليـات الدوليـة باعتمـاد مقاربـة شـاملة واسـتراتيجية
لحمايــة الأطفـال فــي البيئـة الرقميــة، مــع التأكيــد علــى الأهميــة البالغــة
لإدمــاج حقــوق الطفــل فــي السياســات الوطنيــة. كمــا توصــي بضمـان إشـراك الأطفـال بشـكل فعـال
مـع الحـرص علـى موافقتهـِم المسـتنيرة التـي تـتلاءم مـع مسـتوى نموهـم، والمراعـاة
الكاملـة لآرائهـِم، وإبلاغهـِم بتأثيـر مسـاهماتهمِ علـى القـرارات النهاِئيـة. كمـا
ينبغـي توفيـر المـوارد الكافيــة لضمــان المشــاركة الحقيقيــة للأطفــال.
أمــا الاتحاد الدولي للاتصالات، فقــد أصــدر المبــادئ التوجيهيِــة الأساســية
الإحــدى عشــر مــن أجــل تأطيــر إعـداد اسـتراتيجية وطنيـة لحمايـة الأطفـال علـى
الأنترنـت، قائمـة علـى التعـاون بيـن القطـاع العـام والخـاص واحتــرام الحقــوق الأساسـية
للأطفـال وإشـراك الأطفـال فـي إعـداد
هـذه الاسـتراتيجيات.
وتوصــي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال
بحمايــة اســتباقية للأطفـال علـى شـبكات التواصـل الاجتماعـي، وتكييـف التشـريعات
الوطنيـة مـع المعاييـر الدوليـة ذات الصلـة والقيــام بحــملات للتحســيس والتكويــن
لفائــدة الوالديــن والمقــاولات.
ومــن جهـِـة أخــرى، تشــدد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) علــى العمــل علــى عــدة مســتويات تتضمـن السياسـة والعدالـة الجنائيـة والدعـم المقـدم للضحايـا والتـزام المجتمـع وتقنيـن الصناعـة والحـملات التحسيســية فــي الإعلام.
ضرورة إدماج حماية الأطفال على الإنترنت ضمن أهداف السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة
بنــاء علــى هــذا التشــخيص، واســتلهاِما للمبــادئ التوجيهيِــة للهيِئــات
الدوليــة، يوصــي المجلــس الاقتصــادي والاجتماعــي والبيئــي بإرســاء بيئــة رقميــة
دامجــة توفــر الحمايــة للأطفــال. وهــو مــا يســتدعي إدمــاج حمايــة الأطفــال
علــى الأنترنــت ضمــن أهــداف السياســة العموميــة المندمجــة لحمايــة الطفولــة،
مــع تعزيــز هــذه الأخيــرة وتســريع تنزيلهـِـا.
ولتحقيـق ذلـك، يتعيـن مضافـرة جهـِود التعـاون والتنسـيق بيـن مختلـف الأطـراف
المعنيـة، بغيـة رفـع التحديـات المرتبطـة بحمايـة الأطفـال، ولا سـيما فـي المجـال
الرقمـي.
ملائمة الإطار القانونـي مـع التطـورات التـي يشـهدها العالـم الرقمـي
في هذا الصدد، يوصي المجلس الاقتصــادي والاجتماعــي والبيئــي بما يلي:
الملائمة القانونية
ملاءمــة الإطــار القانونــي الوطنــي مــع المعاييــر الدوليــة المتعلقــة
بحقــوق الطفــل، لا ســيما بمــا يواكــب الديناميــات المطــردة للبيئــة الرقميــة.
يتعلــق الأمــر بتوصيــف الجرائــم المرتكبــة علــى الأنترنــت وتوضيــح المسـؤوليات
بالنسـبة للمقـاولات التكنولوجيـة والمتعهدِيـن فـي مجـال الاتصـالات وتحديـد القواعـد
المؤطرة لاســتعمال شــبكات التواصــل الاجتماعــي مــن طــرف الأطفــال.
تحديـد سـن الرشـد الرقمـي
مـن الضـروري التفكيـر فـي إرسـاء السـن التـي يمكـن للطفـل الولـوج فيهـِا
إلـى شـبكات التواصـل الاجتماعـي، دون موافقـة مـن الوالديـن، وهـو مـا يسـتدعي وضـع
آليـات ملزمـة لمقدمـي خدمـات شـبكات التواصـل الاجتماعـي كالتالـي:
رفـض تسـجيل القاصريـن دون موافقـة الوالديـن، وإعلام القاصريـن والوالدين أو
أولياء الأمور بالمخاطر المرتبطـة باسـتعمال شـبكات التواصـل الاجتماعـي ووسـائل الوقايـة،
وشـروط اسـتخدام المعطيـات ذات الطابـع الشـخصي وحقوق المسـتعملين.
منــح الوالديــن أو أوليــاء الأمــور إمكانيــة مطالبــة مقدمــي خدمــات
شــبكات التواصــل الاجتماعــي بتعليــق حســابات الأطفــال فــي حالــة وجــود مخاطــر
أو انتهـِـاكات.
وضــع آليــات لمراقبــة الأوقــات التــي يقضيهـِـا الأطفــال فــي اســتعمال
الشــبكات، مــع إرســال إشــعارات منتظمــة للمســتعملين بخصــوص المــدة الزمنيــة
التــي يقضونهـِـا علــى شــبكات التواصــل الاجتماعــي.
دعـم ضحايـا الجرائـم الرقميـة: ضمـان المواكبـة القانونيـة والنفسـية الناجعـة والمتاحـة لضحايـا الجرائـم الرقميـة.
تسـريع إحـداث أجهـزة ترابيـة مندمجـة لحمايـة الطفولـة
في هذا الصدد، يوصى ب:
- إدمـاج المخاطـر المرتبطـة باسـتعمال شـبكات التواصـل الاجتماعـي فـي مجـال الرصـد والتكفـل ممـا يفضـي إلــى وضــع آليــات التبليــغ والانتصــاف القضائــي وغيــر القضائــي الملائمــة والمرنــة وسـهلِة الولــوج بالنســبة للأطفـال وأوليـاء أمورهـم.
- ضمـان يقظـة ترابيـة ووطنيـة لتطـور المخاطـر وتعزيـز المعرفـة بحجـم الحاجيـات المتعلقة بحمايـة الطفولة، مـن خـلال توفيـر المعطيـات وإنجـاز الأبحـاث بشـكل منتظـم بالتعاون مـع الجامعات.
تطويـر بيئـة رقميـة دامجـة مـع تعزيـز التربيـة الرقميـة لفائـدة الأطفال والوالديـن وأوليـاء الأمور والأساتذة
في هذا الصدد، يوصي المجلس ب:
إدراج التربيــة الرقميــة فــي المناهــج الدراســية منــذ ســن مبكــرة وتنميــة
الحــس النقــدي لــدى التلميــذات والتلاميــذ مــع الحــرص علــى التأكــد مــن صحــة
المعلومــات ومقارنــة المصــادر، وهــي مهـِـارات أساســية للتعامــل مــع البيئــة
الرقميــة بكيفيــة مســتنيرة.
إشراك الأطفال والوالدين
والمدرسين في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم برامج التربية الرقمية.
العمـل بشـكل منتظـم علـى تحسـيس السـاكنة مـن خـلال مختلف وسـائل الإعـلام
بمخاطر الأخبـار الزائفة مع العمـل علـى اسـتهدِاف كل فئـة علـى حـدة.
تحســيس منتجـــي المعلومـــات والمحتويــات الرقميــة ســواء كانــوا مهنِييـــن
أو غيـــر مهنِييـــن (المدونـــون والمؤثــرون)، بدورهــم وبالمســؤولية الملقــاة
علــى عاتقهـِم بخصـوص مكافحـة الأخبار الزائفـة، لا سـيما مـن خــلال أنشــطة للتكويــن
المســتمر ذات الصلــة.
اعتمــاد الخيــارات التقنيــة لرقابــة الوالديــن علــى المحتــوى الرقمــي.
فــي هــذا الإطــار، يتعيــن علــى الوكالــة الوطنيـة لتقنيـن المواصـلات مطالبـة
الفاعليـن فـي قطـاع الاتصـالات بـإدراج حلـول رقابـة الوالديـن المجانية فـي عـروض
الاشـتراك فـي الأنترنـت. ويجـب
إبـراز هـذه الحلـول فـي العـروض الإعلانيـة الموجهـِة للوالديـن والمسـتعملين بغيـة
تحسيسـهمِ بمختلـف المخاطـر المرتبطـة باسـتعمال شـبكات التواصـل الاجتماعـي.
اســتخدام أدوات الــذكاء الاصطناعــي للكشــف بشــكل اســتباقي عــن المحتويــات
غيــر المناســبة، وتحليــل الســلوكيات المحفوفــة بالمخاطــر، وملاءمــة رقابــة
الوالديــن بشــكل شــخصي وضمــان ضبــط المحتويــات الخطيــرة بغيــة ضمــان اســتجابة
ســريعة وناجعــة للتهدِيــدات علــى وســائل التواصــل الاجتماعــي.
وضـع مؤشـرات لقيـاس حمايـة الطفولـة علـى الأنترنت
في هذا الصدد، يوصَى ب:
اعتمـاد مؤشـر سـلامة الطفـل علـى الأنترنـت (COSI)،
الـذي يقيـس نجاعـة السياسـات العموميـة فـي مجـال حمايـة الأطفـال علـى الأنترنـت.
وضع منظومات للإعلام والتتبع والتقييم على المستوى المحلي والجهوِي.
ختاما
علــى الرغــم مــن الآثــار الإيجابيــة التــي تقدمهـِـا شــبكات التواصــل
الاجتماعــي، فإنهـِـا تنطــوي علــى مخاطــر مؤكـدة بالنسـبة للصحـة النفسـية والجسـدية
للأطفـال وتعزيـز نموهـم الشـخصي والدراسـي. وبالتالي يجب على كل الفاعلين الاجتماعيين
العمــل مــن أجــل التوفيــق بيــن مزايــا التكنولوجيــات الرقميــة وضــرورة حمايـة
الأطفـال مـن المخاطـر المحتملـة، مـع تربيتهـِم علـى الاسـتعمال العقلانـي والمسـؤول
لشـبكات التواصـل الاجتماعـي.
إن اسـتعمال التكنولوجيـا الرقميـة بشـكل مفـرط وغيـر ملائـم يمكـن أن تكـون
لـه عواقـب وخيمـة مؤكـدة علـى الصحـة النفسـية والجسـدية للأطفـال. وقـد أظهـِرت دراسـات
فـي الموضـوع وجـود مجموعـة مـن الاضطرابـات النفســية والســلوكية الخطيــرة الناجمــة
عــن هــذه الظاهــرة، لا ســيما تطــور الســلوكات الإدمانيــة والســلوكات العنيفـة
واضطرابـات القلـق والانـغلاق علـى الـذات والعزلـة وإيـذاء الـذات واضطرابـات النـوم
ومشـاكل التركيـز والاكتئـاب ومحـاولات الانتحـار.
وعلـى الرغـم مـن مصادقـة المغـرب علـى الاتفاقيـة الدوليـة لحقـوق الطفـل،
وتوفـره علـى إطـار قانونـي خـاص بحمايـة الأطفـال، تظـل الآليـات الحاليـة غيـر كافيـة
أمـام التحديـات التـي تطرحهـِا المنصـات الرقميـة. ويؤثـر غيـاب آليـات قانونيـة مؤطـرة
لاسـتعمال القاصريـن لشـبكات التواصـل الاجتماعـي علـى ضمـان حمايـة ناجعـة ومسـتدامة
فـي البيئـة الرقميـة.
المصدر: رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أجل بيئة رقمية دامجة توفر الحماية للأطفال.
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في التعليقات.