
تقديم
تعتبر الرسالة الادارية أسلوب يتم من خلاله
التواصل داخل الادارة عبر الكلمة المكتوبة التي يصدرها المرسل الى المرسل اليه؛ كما
تحيل على كل رسالة متبادلة بين المصالح الإدارية، أو كل رسالة تصدر عن الإدارة في اتجاه
الإدارات الأخرى أو بين الإدارة وشخص ما.
إن المراسلة الإدارية، كما هو معلوم، لها
مواصفات تقنية، وأخرى أدبية، يجب احترامها، لأن من شأن ذلك أن يساعد على بلوغ الهدف
الذي كتبت من أجله، ولأن اضطراب شكل المراسلة، أو وجود نقص في معطياتها الإدارية، أو
خلط في موضوعها الأساسي، من أسباب عدم الاستجابة للمعطيات، أوتحقيق الأغراض، أو تسوية
الحالات التي كتبت من أجلها.
وللتغلب على هذا النقص، وسيعا وراء ضبط أسلوب التراسل الإداري، وجعله يترك الآثر رسميا، ويوثق الاتصال، ويصبح مرجعا أساسيا فيما بعد لأي غرض، من المستحسن تعرف بعض شروط كتابته الإدارية، سواء تعلق الأمر بمواصفات الشكلية، أو بمحتوياته الإدارية والأدبية.
أولا: ماهية الرسالة الإدارية وأنواعها
تلعب المراسلات باعتبارها وسيلة من وسائل
الاتصال دورا حيويا وهاما في تسيير أعمال الأجهزة والمؤسسات الحكومية، و ترمي الى المزيد
من ربط أواصر التواصل و التعايش بين الادارة و المواطنين، وتؤثر تأثيرا مباشرا في نقل
المعلومات، ولما كانت الرسالة أهمها و أكثرها استعمالا يتطلب منا الوقوف عند تعريفها
و تحديد أنواعها.
تعريف الرسائل الإدارية
هي نوع من انواع الكتابة الوظيفية، يكون
أحد طرفي الاتصال الكتابي جهة ادارية على الاقل.
وينتج عن هذا التعريف ثلاثة انواع من الخطابات
الادارية:
الرسالة الهابطة:
وهي الرسالة الإدارية
الرسمية الموجهة من رئيس مستوى إداري أعلى.
الرسالة الصاعدة:
وهي الرسالة الإدارية
الرسمية الموجهة من رئيس مستوى إداري أدنى.
الرسالة الموازية:
وهي الرسالة الإدارية
الرسمية الموجهة من رئيس إلى مستوى إداري مشابه.
وتعتبر الرسائل وسيلة الاتصال الإداري
الأولى، وتتميز عن وسائل الاتصال الاخرى بمميزات هامة، فهي تعزز وتؤكد المعلومات التي
تم التوصل إليها بحيث يمكن الرجوع إليها إذا ما حدث لبس أو خلاف ما تم الاتفاق عليه.
فهي إذن وسيلة رئيسية من وسائل الاتصال
وذلك من حيث انها تلعب دورا حيويا ومهما في جميع المؤسسات العمومية والخاصة، وتؤثر
تأثيرا مباشرا وغير مباشر في أداء أعمالها والقيام بالواجبات والمسؤوليات المطلوبة
منها، وتتجلى أهميتها أيضا في كونها تشكل الصلة الحيوية التي تربط بين كل جهاز والمجتمع
الذي يتعامل معه ذاك الجهاز.
أنواع الرسائل الإدارية
لا بد من التمييز في التراسل الإداري بين
الرسالة الادارية المحضة والرسالة ذات الصيغة الخاصة:
الرسائل الإدارية المحضة
تستعمل الإدارة في اتصالاتها الإدارية
نوعين من الرسائل: الرسائل الإدارية ثم الرسائل ذات الصبغة الخاصة، وقد عرف الأستاذ
محمد باهي الرسالة الإدارية بكونها "كل رسالة ترسل من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية
أخرى داخل نفس البلد، ويتوقف على شكلها ومضمونها جانب مهم من القرارات التي تمس حياتنا".
في حين عرفها الأستاذ بوعلام السنوسي في كتابه تقنيات التحرير الإداري
بالإدارة العمومية، بأنها "تلك الرسائل المتبادلة بين إدارة وإدارة أخرى داخل
نفس الجهاز، وهي كذلك المتبادلة بين جهاز و جهاز آخر".
فيما عرفها الأستاذ مصطفى الداشي باعتبارها
"الرسالة المتبادلة بين المصالح الإدارية"
الرسائل الإدارية الشخصية
هي الوثيقة التي تبعث من شخص إلى آخر لا
ينتميان إلى الإدارة، أو هي الرسالة الموجهة من مصلحة إدارية إلى شخص خارج الإدارة
ولا يتعلق موضوعها بنشاطها، وتفيد أيضا الرسائل الموجهة من طرف موظفين إلى رؤسائهم،
أو المتبادلة بين هؤلاء وأشخاص عاديين، أو موظفين بصفة شخصية، كالتهاني بمناسبة الأعياد
الوطنية و الدينية، أو فاتح السنة الهجرية أو الميلادية، أو بمناسبة ترقيات أو الحصول
على أوسمة و غيرها، فهي كلها تعتبر رسائل شخصية.
هذا من جهة، من جهة أخرى فقد عرفها الأستاذ بوعلام السنوسي بكونها
"الرسائل التي تتبادل بين جهاز حكومي أو غير حكومي وفرد من الأفراد أو التي ترسل
إلى جهات عديدة خارجية داخل الوطن أو خارجه، وهي كذلك الرسالة التي يحررها الفرد باسمه
الخاص".
ثانيا: خصائص وضوابط التراسل الإداري
خصائص الرسالة الإدارية
الجوانب الفنيّة للمُراسلات الإداريّة
إن الجوانبَ الفنيّة للمُراسلات الإداريّة
تعد من المُتطلبات التي يجب توفيرها عند كتابة الرسالة وإخراجها فنياً بمظهرٍ جمالي،
وتُساهم في ترك انطباع إيجابيّ لدى قارِئ الرّسالة، وتشمل هذه الجوانبُ على مجموعة
من الأمور المهمة، وهي:
الورق
يجب اختيار ورق ملُائم لطبيعة الرّسالة
المُرسلة، والتي تعكسُ درجة اهتمام المُوظّف أو المؤسّسة بمدى رسميّة المُراسلة الإداريّة،
وهناك مُواصفاتٌ يُنصح أخذها بعين الاعتبار عند اختيار نوع الورق لكتابةِ أي رسالة
إداريّة؛ وهي:
اللّون
يُفضّلُ استخدام الأوراق ذاتْ اللّون الأبيض؛
لأنّه يُعتبرُ من الألوان المُناسبة لكتابةِ المُراسلات الإداريّة، فيوصفُ الأبيض بدرجةٍ
عالية من الرسميّة.
النّوع
يجب اختيار نوع ورقٍ قويّ، وناعم الملمس،
ولا يتغير لونه إلى الأصفر، وغير قابل للتّلف بسهولة.
المَقاس
هو الحجمُ الرسميُّ للورق الذي يُستخدمُ
عادةً في كتابة المُراسلات الإداريّة، ويتمُّ اختيارُ ورقٍ بِمَقاس A4 دائماً.
المسافات
هي ما يُترك من فراغات بين الكلمات أو
الأسطر أو الفقرات، بحيث يُعطي نصّ الرّسالة مَظهراً جماليّاً مقبولاً ومناسباً.
الهوامش
هي المسافة بين حوافّ الورقة المُستخدمة
من جميع الجهات ونص الرسالة، ولها دور في المُحافظة على محتوى الرسالة في حال تعرَّضت
لأي نوعٍ من أنواع التّلف.
الجوانب المنهجية للمراسلات الإدارية
يجب أن تتميّز المُراسلات الإدارية بمجموعة
من الخصائص المنهجية، التي تَترك أثراً إيجابيّاً عند القارئ، ممّا يُسهل في فهم محتوى
الرسالة بوضوح ودقّة، وتتمثّل الخصائص المنهجية لصياغة الرسالة الإدارية في ما يلي:
الوضوح
هو اختيارُ كلماتٍ سهلةٍ وبسيطة دون تعقيدٍ
وغموضٍ وتكرار، والحرص على تجنب العبارات الشاذة، وحتّى يتميّزَ مُحتوى الرّسالة بالوضوح
يجبُ أنْ تكونَ الجُمل والأفكار مُترابطة ومتناسقة؛ ليسهل على مُستلم الرسالة فهم المعنى
والمَقصد منها.
التركيز
إن الإطناب في المراسلة الإدارية يفقدها
الدقة وسرعة الأداء، فلا يسوغ أن تكتب رسالة في صفحة أو أكثر حول موضوع عادي يتعلق
مثلا بطلب تعويضات أو تسوية وضعية...، فكلما كانت الرسالة قصيرة وواضحة، سهل على المكلفين
استيعابها، واتخاذ القرار المناسب إزاءها.
تجنب الأخطاء
يُقصَدُ بذلك أن يحرصَ كاتب المُراسلة
الإداريّة على تجنّبِ أي خطأ في الكتابةِ؛ سواءً أكان لغويّاً أو نحويّاً، لذلك يجبُ
الحرصُ على قراءةِ الرّسالة أكثر من مرّة قبل إرسالها بشكل رسمي.
الاختصار
هو التركيز على الموضوعِ الرئيسي للرسالة،
واختيار الكلمات والعبارات الأنسب بإيجاز دون إطالة أو إسهاب، وتجنب التكرار والحشو
الذي لا يضيف شيئا لمحتوى الرسالة.
الأسلوب الإداري
ينبغي أن يكون لبقا، تستعمل فيه عبارات
من الرصيد اللغوي الإداري، مع تجنب العبارات الأدبية والعاطفية والسجع، وضرب الأمثال
مهما كان الموضوع التماسا، أو طعنا إداريا، أو شكوى، أو طلبا أو توضيحا....
قوة اللغة
هي استخدام الكلمات التي تترك أثراً عند
القارئ، مع ضرورة تجنب الألفاظ الركيكة، أو تلك التي تحتمل أكثر من معنى وتفسير.
لطافة التّعبير
هي استخدامُ كافة العبارات والألقاب التي تدل على التقدير والاحترام المُتبادل بين كاتب الرسالة والمُتلقي، ويتم استخدام كلمات اللطافة بناء على المُستوى الوظيفي للمتلقي، مثل: حضرة أو معالي، أو غيرها من العبارات.
ضوابط وقواعد التراسل الإداري
تتميز الرسائل الإدارية عن غيرها من الرسائل
الأخرى بمجموعة من المواصفات التقنية والأدبية، التي يجب الامتثال لها عند مراسلة الجهات
الرسمية، لأن من شأن ذلك أن يساعد على بلوغ هدف الرسالة، ومن القواعد الرئيسية للتراسل
الإداري نجد:
احترام السلم "أو التسلسل" الإداري
ينبغي أن توجه المراسلات دائما إلى السلطة
المكلفة أو المختصة، مع شرط مرورها عبر الإدارات والمؤسسات الوسيطة.
ويمنع على أية مؤسسة أو شخص اعتباري أن
يراسل سفارة مثلا بشكل مباشر، إذ لابد من مرور الرسالة عبر السلم الإداري، تجنبا للخلط
وتحريا للدقة والضبط، وفي هذا الصدد يرجى مراجعة المذكرة رقم 14-150 الصادرة بتاريخ
31 أكتوبر 2014، في شأن "وجوب احترام السلم الإداري في طلبات الموظفات والموظفين
الموجهة إلى مصالح الوزارة والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين".
الاسم المعنوي
توجه الرسالة إلى المسؤول المعني بصفته
الإدارية، دون اللجوء إلى ذكر اسمه الشخصي.
الحمدلة والبسملة
انسجاما مع المبادئ الاسلامية في التعامل
والكتابة، فإن البدء ب "باسم الله الرحمان الرحيم" أو "الحمد لله وحده"
من الأخلاق الإسلامية.
وضوح الخط
قد تتعرض الرسالة للإهمال والضياع بسبب
رداءة الخط أو عدم وضوحه، بحيث تتعذر قراءة أو فهم مضمون الرسالة. لذا لابد من إجادة
الخط في المراسلات، وقد يلجأ من أجل ذلك إلى الكتابة بالآلة الكاتبة أو بالحاسوب.
الرأس
(En-têt):
مهما كانت الجهة المرسِلة، إدارية أو شخصية،
فإنه يتعين إثبات الرأس في أعلى الرسالة على اليمين على إحدى الصورتين:
إذا كانت الجهة المرسِلة إدارة، فلابد أن يشتمل الرأس تنازليا على أسماء جميع الإدارات التسلسلية، مع ضرورة أن تعلوها كلها عبارة "المملكة المغربية" كما يلي:
أما إذا كانت الجهة المرسِلة موظفا أو موظفة طالبا أو طالبة، فإن الرأس
يشتمل على الاسم الشخصي والعائلي، رقم التأجير، الإطار، الدرجة، المهمة أو التخصص،
مقر العمل والبلدة. حتى يمكن إرجاع الجواب إلى الجهة التي راسلت دون إشكال.
التاريخ (الهجري والميلادي)
يكتب مكان وتاريخ الإرسال في أعلى الصفحة
الأولى على اليسار، ولهذه المعلومات أهمية واضحة، باعتبار الرسالة مرتبطة بتاريخ أو
أجل، كما أن مكان الإرسال يعطي صورة عن طبيعة التعامل مع الرسالة على مستوى التاريخ
والأجل والظروف....
المرسل إليه
تخضع كتابة الجهة المرسل إليها لقاعدة
تسلسلية مزدوجة. فعند مراسلة المصالح المركزية، تبعث الرسالة في إسم الوزير، ويأتي
بعده تنازليا ذكر الإدارات الوسيطة إلى أن تذكر الجهة المختصة.
وتأتي على الشكل التالي:
الموضوع
لصياغة الموضوع ينبغي مراعات الدقة والتركيز
والوضوح، بحيث تكون العبارة أقصر ما يمكن، وفي الوقت نفسه تعطي فكرة عن محتوى الرسال.
مثال ذلك: طلب انتقال، طلب تعويضات عائلية، طلب استقالة، طلب تصحيح الخدمات. وهذا ينبغي
ألا تشتمل الرسالة إلا على موضوع واحد، ويكتب تحت الرأس على اليمين بعد المرسل إليه.
المرجع
يقصد به جميع المستندات والوثائق والقرائن
التي يستند إليها المرسل كلا أو بعضا، يدونها تحت عنوان "المرجع" أسفل الموضوع
مباشرة، والإشارة إلى المرجع تعطي لموضوع الرسالة حجية ومصداقية.
التحية
توجه إلى المرسل إليه تحية بالصيغة التالية:
"سلام تام بوجود مولانا
الإمام المؤيد بالله سلام تام بوجود مولانا الإمام نصره الله"، وتكتب هذه التحية
وسط الرسالة تحت المرجع والموضوع مباشرة.
شخصية الرسالة
تعتبر الرسالة ذات طابع شخصي، فردي لا
جماعي، ولو كان الموضوع يهم أكثر من شخص، بحيث يكتب كل شخص رسالة بمفرده.
النسخ
- تكتب الرسالة في 4 نسخ، توزع كالآتي:
- يحتفظ المعني بالأمر بنسخة تحمل رقم الإرسال
وتاريخه.
- يحتفظ الرئيس المباشر بنسخة.
- يوجه الأصل مع نسخة إلى الأكاديمية أو
إلى الوزارة.
الاختتام
تختم الرسالة بكلمة "والسلام" دون استعمال التحيات الشخصية المتداولة
بين الناس.
التوقيع
توقيع جميع النسخ من لدن صاحبها بتوقيع مفتوح (الإسم والنسب) وتوقيع مغلق
(الإمضاء الخاص بكل شخص)
المرفقات
قد يلجأ المرسل إلى إرفاق رسالته بوثائق
أو مستندات، عليه أن يشير إلى ذلك في أسفل الرسالة على اليمين تحت كلمة” المرفقات“،
مع ذكر عدد كل منها.

خاتمة
تحتل الرسالة الإدارية مكانة هامة في نشاط
الإدارة، على اعتبار أنها تعد من بين أهم العوامل التي تساهم في نجاح أي تنظيم إداري،
كونها وسيلة فعالة تلبي حاجيات التبليغ الأساسية من خلال نقل المعلومات وإيصال الحقائق
إلى الأشخاص المعنيين بالأمر، ناهيك عن اعتبارها وسيلة من وسائل التواصل الإداري التي
لا غنى عنها.
وحتى يتمكّن كاتب أو مُحرِّر الرّسالة
الإداريّة من كتابتها بطريقةٍ صحيحة من الواجب عليِهِ التقيُّدُ بمجموعةٍ من الجوانب
الفنيّة والخصائص الخاصّة بالرّسالة، والتعرّفُ على كافّةِ الأقسام الرئيسيّة والمُباشرة
التي تتكوّنُ منها، ويُساعدهُ ذلك في صياغةِ مُحتوى الرّسالة بأسلوبٍ مُناسبٍ، وضمن
قواعد الكتابة من خلال الحرص على انتقاء الكلمات المناسبة فيما يتعلّق بالموضوع الرّئيس
للرّسالة الإداريّة.
الكاتب: ذ. ن-ب
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في التعليقات.