
المغرب يطلق أول منصة وطنية ذكية لتعلم اللغات… خطوة استراتيجية نحو السيادة الرقمية والارتقاء الجامعي
مقدمة
يشهد المغرب مرحلة جديدة في مسار التحول الرقمي للتعليم العالي، بعد إعلان
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن الإطلاق الرسمي للمنصة الوطنية المغربية ELOGHA-SUP، التي تُعد أول منصة ذكية
100% مغربية موجهة لتعلم اللغات. وقد جاء هذا الإعلان خلال حفل رسمي احتضنته مدينة
الداخلة يوم السبت 29 نونبر 2025، بحضور الوزير عز الدين المداوي وعدد من الشخصيات
الأكاديمية والجهوية.
وتمثل هذه الخطوة تحولاً استراتيجيًا كبيرًا، سواء على مستوى تعزيز السيادة الرقمية وحماية بيانات الطلبة، أو على مستوى توفير بدائل وطنية للمنصات الأجنبية التي كانت تعتمدها الجامعات المغربية منذ سنوات. كما تندرج المبادرة ضمن الرؤية الملكية السامية الداعية إلى تمكين المتعلمين من إتقان اللغات الوطنية والأجنبية باعتبارها مفتاحًا للاندماج وجودة التكوين.
ما هي منصة ELOGHA-SUP؟
تُعد ELOGHA-SUP منصة رقمية مبتكرة تم تطويرها من طرف فريق مغربي متعدد التخصصات ضم أساتذة
جامعيين، وخبراء في التربية واللسانيات، ومهندسي برمجيات ومتخصصين في الذكاء الاصطناعي.
وقد تم تصميم المنصة لتكون بديلاً وطنيًا آمنًا ومستدامًا للمنصات الأجنبية،
وخاصة منصة "روزيتا" التي عانت منها الجامعات المغربية بسبب كلفتها الباهظة
ومحدودية التحكم في معطيات المستخدمين.
ومع إطلاق هذه المنصة، يكون المغرب قد خطا خطوة متقدمة نحو بناء منظومة
رقمية جامعية مستقلة، توفر محتوى لغويًا عالي الجودة، وتضمن في الوقت نفسه أمن البيانات
وملاءمتها لخصوصيات البيئة الجامعية المغربية.
اللغات المتاحة في النسخة الأولى من المنصة
خمس لغات أساسية وفق معايير دولية
تتيح منصة ELOGHA-SUP في مرحلتها الأولى تعلم خمس لغات تمتد عبر اللغات الرسمية والوطنية واللغات
الأجنبية الأكاديمية الأكثر طلبًا:
وتعتمد المنصة في تدريس هذه اللغات على الإطار الأوروبي المرجعي المشترك
للغات (CECRL)،
الذي يُعد معيارًا عالميًا لتقييم الكفاءات اللغوية. وهو ما يضمن للطلبة اكتساب مهارات
لغوية ذات جودة، مع إمكانية قياس مستواهم بشكل دقيق وفق سلم دولي معتمد.
مميزات منصة ELOGHA-SUP
تعزيز السيادة الرقمية وحماية البيانات
يمثل إطلاق المنصة خطوة قوية نحو تحقيق السيادة الرقمية التي أصبحت ضرورة
ملحة في ظل التحديات المتعلقة بحماية البيانات والاعتماد على تقنيات خارجية.
فقد كانت منصة "روزيتا" الأجنبية مكلفة ماليًا وغير ضامنة لحماية
معطيات المستخدمين، مما دفع الوزارة إلى تطوير بديل وطني شامل ومؤمَّن، يحافظ على المعطيات
داخل بنية رقمية محلية.
اعتماد الذكاء الاصطناعي في التعلم
تعتمد ELOGHA-SUP على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، من خلال:
هذا التوظيف الذكي للتكنولوجيا يجعل تجربة التعلم أكثر مرونة وفعالية،
ويقلل من الفجوة بين قدرات المتعلمين المختلفة.
محتوى ضخم يتجاوز 2000 مورد تربوي
توفر المنصة محتوى غنيًا ومتعدد الوسائط يشمل:
وقد تم تصميم هذا المحتوى بما يتلاءم مع الأقطاب الجامعية الستة:
مما يجعل تعلم اللغات موجَّهًا نحو التخصص الجامعي وليس عامًا فقط.
الإنصاف وتكافؤ الفرص
تراعي المنصة مبدأ الشمولية الرقمية، إذ تتيح محتوى مخصصًا للطلبة في
وضعية إعاقة، عبر توفير:
وهو ما يجعل ELOGHA-SUP منصة دامجة بحق، تراعي الجميع دون استثناء.
لماذا اعتمد المغرب هذه المنصة بديلاً عن "روزيتا"؟
شهدت الجامعات المغربية تحديات عديدة مع منصة "روزيتا"، أهمها:
وأمام هذه الإشكالات، أكدت الوزارة أن تطوير منصة وطنية كان ضرورة استراتيجية،
وليس مجرد خطوة تقنية.
ومع ELOGHA-SUP،
يكون المغرب قد عزز استقلاليته الرقمية، وضمن تكوينًا لغويًا آمنًا وفعالًا للطلبة.
نحو مركز وطني لتطوير المنصة وتوسيع التعاون الدولي
أعلن الوزير أن الوزارة تعمل على إنشاء مركز وطني خاص بمواكبة المنصة
وتطويرها بشكل مستمر، مع توسيع استخدامها لتشمل برامج جامعية أخرى، إضافة إلى إمكانية
نقل التجربة إلى دول إفريقية صديقة.
كما سيتم اعتماد المنصة بشكل رسمي ابتداء من الموسم الجامعي
2025-2026، مع تجهيز قاعات رقمية في الجامعات لتسهيل الولوج إليها.
خاتمة
يمثل إطلاق منصة ELOGHA-SUP إنجازًا تربويًا ورقميًا وطنيًا غير مسبوق، يعكس حرص المغرب على تحديث
منظومته التعليمية وتعزيز قدرات الطلبة في مجال اللغات، باعتبارها رافعة أساسية للاندماج
الأكاديمي والمهني.
ومع الاعتماد الرسمي لهذه المنصة، يدخل التعليم العالي مرحلة جديدة عنوانها:
رقمنة التكوين، سيادة البيانات، وجودة التعلم.
إن ELOGHA-SUP ليست مجرد
منصة رقمية، بل مشروع وطني استراتيجي يعزز مكانة المغرب ضمن الدول الرائدة في الابتكار
التربوي، ويفتح آفاقًا واعدة للأجيال الصاعدة.
شاركنا رأيك في التعليقات.